|

قمة جدة للأمن والتنمية: نقطة نور  

الكاتب : الحدث 2022-07-17 01:33:21

بقلم -  د. أحمد طاهر
مدير مركز الحوار للدراسات السياسية والإعلامية 

ليست مصادفة أن تكون المملكة العربية السعودية ملتقى الحوارات التي تستهدف إعادة ترتيب أوضاع المنطقة في لحظة تاريخية عاصفة، حيث تتداخل القضايا وتتعقد العلاقات وتتشابك المصالح وتتقاطع الأهداف، فكانت قمة جدة للأمن والتنمية نقطة نور في حاضر ضبابى ومستقبل غامض، حاول القادة المشاركون في القمة أن يضعوا أسس لإدارة ملفات المنطقة وعلاقاتها مع القطب الدولى الأكبر في ظل نظام عالمى يتراوح ما بين أحادى القطبية وثلاثى القطبية ومتعدد الأقطاب، إذ يسعى كل طرف أن يبنى على مساحات تراجع الطرف الآخر، وكانت دائما منطقة الشرق الأوسط الحبلى بالقضايا والمشكلات هي المحطة التي على إثرها يتشكل النظام العالمى في خضم صراعات القوى وتوازناتها، وهو ما أدركته الولايات المتحدة الامريكية جيدا حينما اعادت تصويب توجهاتها نحو المنطقة من جديد، بعدما برز في لحظات سابقة توجه أمريكى حاول تقليص دورها ووجودها، لتتحول صوب القارة الاسيوية لمحاصرة الصعود الصينى المرتقب والعودة الروسية المحتملة.
ومن هذا المنطلق، اكتسبت قمة جدة للأمن والتنمية التي اتخذت من عنوانها موضوعا لجدول أعمالها، إذ تنوعت المناقشات والحوارات التي جرت بين القادة العرب والولايات المتحدة ما بين قضايا أمنية بالمفهوم الواسع وبين قضايا تنموية بتنوعها المتسع، وهو ما عبرت عنه بجلاء كلمات القادة ملوك ورؤساء الدول المشاركين، وجسدها بشكل واضح البيان الختامي الصادر في نهاية القمة الذى جاء شاملا لعديد القضايا الدولية بدءا من القضية الروسية الأوكرانية وما ارتبط بها من أمن الطاقة واستقرار أسواقها، مرورا بإدانة الإرهاب بكافة أشكاله ومظاهره، والعمل على منع انتشار السلاح النووي ، وصولا إلى قضية تغير المناخ والاشادة بمبادرتى المملكة السعودية بشأن الاقتصاد الأخضر. كما جاء البيان كذلك شاملا لعديد القضايا الإقليمية بدءا من القضية الفلسطينية مرورا بأزمات الإقليم المتعددة؛ السورية والليبية واليمنية والعراقية واللبنانية والسودانية والافغانية، وصولا إلى قضية الامن المائى المصرى فى ازمة سد النهضة وتأكيده على ضرورة التوصل إلى حل دبلوماسى يحقق مصالح جميع الأطراف ويُسهم فى سلام وازدهار المنطقة. وفى السياق ذاته، جاء البيان أيضا مؤكدا على التزامات أمريكية قاطعة حيال المنطقة وامنها واستقرارها ودورها في حل قضاياها الرئيسة، وهو ما يجعل من هذا البيان واحدا من البيانات القليلة التي تضمنت التزامات بشكل قطعى على عاتق الإدارة الامريكية حيال المنطقة، إذ دائما ما يكون الموقف الأمريكى اقرب إلى اللغة الدبلوماسية التي لا تسمن ولا تغنى من جوع، وهو ما يختلف عنه الوضع الراهن، حيث اكتشفت الولايات المتحدة أن ثمة تغيرا في مواقف دول المنطقة ردا على  التخبط الذى كان قد أصاب السياسة الامريكية في تعاملها مع مصالح شركاءها وحلفاءها، قبل أن تستعيد قراءتها الدقيقة لمصالحها ومصالح حلفاءها، مع الاخذ في الحسبان أن ما جرى من تحولات في الإقليم يستوجب على الإدارة الامريكية أن تبحث عن مقاربة جديدة في التعامل مع تلك التحولات ومستجداتها إذا ما أردت أن تحافظ على مصالحها مع حلفاءها، فهل ستدرك الولايات المتحدة ذلك جيدا أم تعيد مناهجها القديمة في التعامل مع ملفاتها الجديدة؟